{ بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره } -سورة القيامة:١٤،١٥
سأل عبدالله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- النبي صلى الله عليه وسلم: "في كم أختم القرآن؟ “
فقال له النبي: "اختمه في شهر"
فقال:"يا رسول الله إني شاب أطيق أكثر من ذلك"
فقال: "اختمه في عشرين"
فقال له: "يا رسول الله إني شاب وأطيق أكثر من ذلك"
فقال له الرسول: "اختمه في خمسة عشر"
قال: "يا رسول الله والله أطيق أكثر من ذلك”
قال: "اختمه في عشر"
فقال: "يا رسول الله إني شاب ذو طاقة"
فقال له النبي: "اختمه في ثلاثة أيام ولا أقل من ذلك”.
لا أحد يعرف ما في نفسك إلا أنت، ولو قُلت لنا أعذارك، لماذا لم تستيقظ لصلاة الفجر، أو لماذا لا تُصلي السُنن، وكيف أنك لا تُطيق الاستغفار حتى مائة مرة، ولا تستطيع صيام إلا رمضان .. سنصدقك.
لكن، هل تُصدق نفسك؟
عبدالله بن عمر، يعرف نفسه جيدًا، ويعرف طاقته، يعلم أنه شاب، ويُطيق أكثر من ذلك. لذلك ظل على رأس النبي حتى يَصل إلى الحد الذي لا يُطيقه ولم يصل! بل أوقفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند الحد الذي رأه مُناسبًا.
تخيل لو أنك في نفس الموقف تَسأل ذات السؤال ويأتيك الرد نفسه، عن نفسي كُنت سأكتفي. وأمضي. مع أنني أعلم أنه يمكنني أن أختم القرآن أكثر من مرة في شهر، وأن عندي الوقت والطاقة لصلاة الضُحى، والحج في هذا العمر، والعبادات التي أعرف أنها ستصعب علي حَين أجف هرمًا. لكننا نُلقي المعاذير أمام الخَلق حتى نُصدق أعذارنا، وشيء في انفسنا يَعلم يقينًا أن الخالق قبل الخلق يعرف سعة نفسك، كما تعلمها أنت، وأنك شاب .. وتطيق أكثر من ذلك.
“بل الإنسان على نفسهِ بصيرة، ولو ألقى معاذيره”. آيه الحجة، البُرهان. كأن يكون من يُحاسبك نفسك. “كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا”. لأن العاقل لا يكذب على نفسه، ولو كذب فهو يعلم. دع عنك غلظ الجسد، لا تَكُن مادة ثقيلة ونفس فقيرة لا تُطيق شيء. فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، حذار أن تضيق نفسك! أن يكون الله قد كره عبادتك فلا تُطيق نفسك إلا الفرائض. دع الروح تتمدد في العبادات والعلم كشجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تسمو بك إلى منزلة ترضاها حتى الفردوس. استثمر كل لحظة ولو أن تُمارس عبادة جديدة عليك. ولا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق، كما يقول رسولنا الكريم، لأنك في عمر و وقت يُسرت لك فيه العبادة فلا تمنعها عن ذاتك، لا تكُن أنت عليها.
أعد جوابك، حين تقف بين يدي الله ورجاء الجنة يلوح في بصرك، والندم في بصيرتك .. وربك يَسأل: شبابه في ما أفناه؟
أياك أن يكون جوابك: كُنت شابًا، ولم أطق شيء من ذلك!
-هجا
على باب الجنة:
السعة يا رب السعة.
رائعه ... فعلا اثرت فيني .. اسلوب مميز لم اصدفه كثيرا ماشاء الله
ردحذف