الجمعة، 18 يناير 2013

الرسالة الثانية: حُب أيه؟







تقول أم كلثوم "حب أيه اللي انت جاي تقول عليه؟ أنت عارف قبل معنى الحب أيه؟"
تقول لي صديقة : "أخاف أن أقبل شابٌ طالبًا يديّ . أخاف بعد سنوات أن أقابل شخص آخر وينبض قلبي له."
لا أعلم إن كانت صديقتي تخاف الارتباط .. أو تخاف الحب؟
ولا أعرف لو أن صديقتي تعرف ما الحب في المقام الأول.
ما الحب؟

في هذا العالم، وفي هذا الزمان بالتحديد، نحن أكثر الشعوب التي تبخس الحب حقه ..
فهل نعرف حبًا غير حب العاشقين؟
وغير حب يجمع امرأة برجل؟

الحُب هو النفخة الأولى ..  
والإصطفاء المبجل .. 
وإعلان تجلى: "إني جاعل في الأرض خليفة"
ومن بعدها نبض الحُب الإلهي في عواطف الخليقة.

الحُب هو الفاصل بين الإيمان والكفر .. 
وهل رأت البسيطة دينًا يقف عند القلوب .. 
فـ "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا .. ولا تؤمنوا حتى تحابوا"؟

الحُب اشتياق تشكل في دموع .. 
وحنين لنا قبل أن نولد ..
وصوته يُحدثنا قبل ألف عام:
“أشتقت لأخواني.”
ونحن بعده بزمان .. نبكي ونشتاقه. 
-صلى الله عليه وسلم-

الحب هو أول عاطفة تسكننا منذ الصغر .. 
في تكورنا أجنة في بطون الأمهات .. 
هناك في تلك البقعة المظلمة التي تحتضننا نشعر بالقرب والاحتواء .. 
الذي لا يسعنا إلا أن نسميه حبًا.
الحب وليد ..
يكبر في انتفاخه بطن الأم كلما كبرنا .. 
حتى نبعث لـ هذه الدنيا محبوبين.

الحُب حازم .. 
في قوته الظاهرة وحنانه الخفي..
في أوامر الأب المطاعة حُبًا .. 
ونواهيه التي تتلاشى بـ "يبه واللي يسلمك!".

الحب شقي ..
في سرقة الحلوى صغارًا .. 
وشجار على فستان في العشرين .. 
والمقعد الأمامي في السيارة .. 
وأفلام السينما التي لا يستقرون فيها على رأي.
وبعد الشجارات الطويلة التي لا تدوم ساعة..
يجلسن الأخوات وتقول أكبرهن: "وين نطلع اليوم؟"

الحب صديق .. 
ليس عليه أن يكون معنا لكنه كذلك .. 
يختارنا قبل أن نختاره .. 
ويربت على كتفه لنسند ضعفنا عليه.

الحب عريق .. 
في تجاعيد ابتسامة الجدة ..
في مفرق رأسها الذي نقبله لأنه ليس في الدنيا أطيب منه ..
ولأن أشعارها التي تكتبها فينا تصل إلينا بلحن ملائكي ..
يطربنا ويغنينا.

الحب قريب ..
في اتصال متأخر بلا هدف ..
وصوت ابنة الخالة تأكل رقائق البطاطس ثم تقول "شتسوين؟"
فقط لأنها تريد قربنا.


يتجاهلون الحب في مدينتنا .. 
يشكون الفراغ العاطفي 
لأن لا عاشق لديهم .. 
لكنهم ملكوا نبض الأم، حزم الأب، كتف الصديق، أشعار الجدة، حلوى الاخوات، واتصال ابنة الخالة .. 
لكنهم بلا حب ...
هل نعرف حقاً .. ما هو الحب؟

نُحب .. ونحتفظ بالحب لأنفسنا .. 
حتى يأتي يوم لا نجدهم حولنا فنأسف أننا لم نخبرهم كم أحببناهم. 
أو أننا لا نشعر كم أحببناهم إلا حين فقدناهم. 
يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
"أذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه"
فمتى أخر مرة قلت لأحد كم تحبه؟

اليوم، سنقول لهم كم نحبهم .. 
وكم هي الحياة أجمل لأنهم بجانبنا .. 
ولأن الجنة أسعد بهم .. سندعوا لهم بالفردوس معنا. 

بالمناسبة ..
أحبكِ أمي عسى أن تكوني في الجنة الآن. 
وأحبكم .


-هجا.

Photo credits: Haya Al-Thani http://instagram.com/hayea

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق